أطلقت تشكيلتها للأزياء وعرضت فنها في "اللوفر" وعلى السيارات
تُرفع لوحات الفن التشكيلي عاليًا إلى الجدران.. تُثَبّت هناك لتزيّن المتاحف والمنازل والمقاهي والفنادق. الفنانة التشكيلية السعودية شاليمار شربتلي رفعت لوحاتها عاليًا في متاحف عالمية كـ"اللوفر"الفرنسي ومعارض دولية، لكنها أيضًا خلقت لهذا الفن مساحات جديدة مختلفة ومبتكرة. مساحات تتحرك بيننا، ونتحرك معها.
يمكن للفن أن يكون في كل مكان، ويخترق كل مساحاتنا الخاصة والعامة. من هذه المدرسة تنطلق شربتلي التي تريد للفن أن يكون جزءًا من حياتنا اليومية وتنقلاتنا وشوارعنا وعاداتنا وملبسنا.. لهذا أطلقت الشهر الماضي مجموعة أزيائها في أسبوع لوس أنجلوس للأزياء لتكون أول مصممة أزياء وفنانة تشكيلية سعودية في أمريكا تطلق ماركتها الخاصة، وتقدم رسومات على الأزياء العصرية. واختارت الفنانة أزياء بسيطة كسروالات الجينز والتيشيرتات لتكرّس مرة جديدة رؤيتها للفن التشكيلي وإدخالها في كل تفاصيل يومياتنا، ولتؤكد أنه لا يوجّه إلى النخبة فقط.
إلى هذه الأزياء دخلت رسومات تشكيلية وخاضت حربًا لطيفة مع الألوان والخطوط التقليدية للموضة. وبهذه الخطوط وهذه الألوان كسرت الكثير من الصور النمطية عن المنطقة وعن المرأة السعودية، ولاقت تشكيلتها صدى إيجابيًّا واهتمامًا كبيرًا من الإعلام الأمريكي والعالمي.
أعمال شربتلي غادرت الجمود لتعيش وتحيا على أجسام غير تقليدية، فـ"تحتل" سيارة، أو دراجة كهربائية، أو أزياء عصرية جعلتها من رواد "الفن المتحرك" في العالم، ومن أبرز الفنانين الذي ينقلون رسوماتهم إلى فضاءات غير مألوفة: إلى الشارع، إلى الناس وللناس وبين الناس، وكانت أول فنانة في العالم تنقل الفن التشكيلي إلى السيارات عندما رسمت على السيارة "البورش" التي عُرضت في مونديال باريس للسيارات عام 2014.
الفنانة السعودية العالمية التي فازت عام 2009 بجائزة "صالون الخريف" في باريس بمشاركة 36 دولة و500 رسام، ترسّخ كل يوم نجاحها بخطوات ثابتة، فشربتلي اختيرت لتمثل فرنسا في المعرض الدولي على أرض المعارض في باريس، الذي يعقد من 1 إلى 6 من شهر ديسمبر/ كانون الأول 2015، عبر رسم على دراجة نارية. وتُعتبر أول عربية تختارها فرنسا لتمثيلها في هذا المعرض الدولي. وسيقيم المعرض مسابقة مفتوحة للجمهور الفرنسي في أغلب وسائل الإعلام الفرنسية للفوز بالدراجة أيام المعرض، وذلك بحضور أكثر من 1400 وسيلة إعلامية لتغطية الحدث.
يأتي هذا الحدث وسط ما تعيشه باريس اليوم، ليؤكد الدور المهم للفنانين التشكيليين، أو لمن تسميهم شربتلي "القوى الناعمة"، معتبرة أن "الوضع الحالي بحاجة إلى الفن التشكيلي أكثر من الفنون الأخرى، وللرسامين دور خاص، كون لغتهم عامية وتصل لكل الناس على اختلاف أديانهم ولغاتهم"، كما تقول شربتلي لـ"بوابة العين الإخبارية".
"قُبلة" في "اللوفر"
لا حدود لحركة وتوجهات شربتلي وتقول إنها تأتي من مدرسة سيريالية. هي التي شاركت مؤخرًا بعرض لوحتين من أعمالها في متحف "اللوفر" في فرنسا في المعرض الذي نظّم بين 23 أكتوبر و25 أكتوبر الفائت. كذلك اختارت إدارة المعرض لوحة لشربتلي بعنوان "قُبلة" لضمها إلى كتيب المعرض، واختيرت الفنانة السعودية من بين 450 فنانًا مشاركًا للمعرض، لتبرز في الكتيب الدعائي الذي ضم أعمال عشرة فنانين فقط، باعتبارها الفنانة العربية الوحيدة التي شاركت فى هذه التظاهرة الفنية العالمية.
ريشة الفنانة السعودية تخلق الأجسام التي تُلبسها فنها من جديد، وتضعنا أمام عالم صاخب بالألوان، وبهذا تحلق شربتلي بعيدًا عن التيارات الفنية السائدة، وتنأى بنفسها وبأسلوبها. ونحن أمام إنتاجها الفني نلمس قدرتها على كسر الحواجز بيننا وبين عالم الفن، وتحرير الفن من الواجهات الزجاجية التي تحميه وتغلفه لتقدمه لجمهور يصادفه ويقابله ويتفاعل معه بعفوية ومن دون تكلف.
من فرنسا إلى أبوظبي، حيث تشارك شربتلي في معرض "بيغ بويز تويز" الذي انطلق في 18 نوفمبر في أبوظبي ويستمر حتى 21 من الشهر نفسه، وتقدم عملها الفني المتحرك على سيارة "ميني كوبر" والتي ستُعرض في مزاد علني. كذلك تشارك بثلاث لوحات تُعرض أيضًا في المزاد. ورسمت شربتلي السيارة في قاعة خصصتها لها شركة "ميني كوبر"، حيث حوّلتها إلى عمل فني مميز ومصوّر، بحيث سيُعرض فيلم عملية التحويل والابتكار لعمل السيارة الفني في جناح "بيغ بويز تويز"على هامش المعرض.
شربتلي، الفنانة والمصممة التي مزجت الفنون بالحياة وألبست المعادن ألوانًا، لطالما كررت اعتزازها بكونها سعودية، لفتت في مقابلة لها مع وسيلة إعلامية فرنسية إلى أنها "مثّلت المملكة العربية السعودية في جميع المحافل الدولية"، مشيرة إلى أن "أي فرد يتنصل من وطنه إنما هو يتنصل من إنسانيته، لو لم آخذ الشرعية من وطني لما وصلت لما أنا عليه الآن". وعادت لتضيف: "وكون الشرعية في الفن التشكيلي تؤخذ في العالم العربي من القاهرة والعراق لأننا في السعودية ملوك الشعر وأمراء الكلمة، أنا أخذتها من القاهرة ومن ثم بلدي التي أعتز أنني كنت أول فنانة سعودية تكلفها الحكومة بإنجاز جداريات فنية في الطرق الرئيسية في جدة".
محطة الفنانة في لوس أنجلوس ليست الأخيرة في عالم الفن والأزياء، إذ تشارك أيضًا في 26 من شهر نوفمبر الجاري، بعرض للأزياء تفتتح به معرض بطولة العالم في الخيل الذي يقام في فرنسا، والذي سيحضره ألف شخصية من مشاهير العالم في يومه الأول قبل أن يُفتح للعموم.
أجندة الفنانة شربتلي الحافلة، والأعمال الفنية المبتكرة التي تقدمها كل يوم، ستضاف إلى مسيرة صاخبة كألون ريشتها التي نقلتها يومًا إلى سيارة "بورش" عُرضت في مونديال باريس للسيارات عام 2014، والتي سيتذكرها الناس طويلًا كلما فُتحت ألبومات "الفن الحركي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق